عرض مشاركة واحدة
قديم 16-05-2013, 11:38 PM   #13
nourelhak
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: 05-12-2012
الدولة: القاهرة
المشاركات: 110
مشاركات الشكر: 78
شكر 44 مرات في 32 مشاركات
مراحل الغزو الفكرى

مراحل الغزو الفكرى

المرحلة الأولى :

نعم المسلمون ابان نهضتهم بمستوى فكرى رائع حين اهتدوا في سيرتهم بكتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وبهدى النبى – صلى الله عليه وسلم ، والذى قدم لهم الحقائق الإيمانية الثابتة ، ودلهم على معالم انتهوا إليها وجعل العلم فريضة على كل مسلم ، يرتفع به مع الإيمان عند الله درجات فكانت الحضارة الإنسانية الفريدة التى نعم بها المسلمين وغيرهم قرونًا عديدة ، وكان هذا التراث النافع الذى لايزال يشهد على اخلاصهم للحق وتفانيهم فى خدمة العلم والمعرفة وعلى سلامة منهجهم وتفكيرهم الذى جعلهم أساتذة الدنيا وسادة الأمم .
ولكنهم مع تراخى الزمن تركوا متابعة النهضة ، وبردت هممهم فى خدمة العلم وجمدت عقولهم ،وعجزت عقولهم عن متابعة ركب الحياة الذى لا يعرف الفتور والتوقف ، مما جعل أعداء الإسلام الذين أفادوا من علوم المسلمين وجهودهم يطمعون فى سبق المسلمين واستلام زمام قيادة البشرية من أيديهم .
وكان عصر النهضة الأوروبية وبرزت القوة المعادية للإسلام متمثلة فى الصليبية والصهيونية بأحقادهما التاريخية ، وأطماعهما فى السيطرة على العالم الإسلامى ،وعرفت هذه القوى بعد الحملات الصليبية الفاشلة أن العالم الإسلامى لايغلب بالسيف والحرب المعلنة ، فلجأت إلى حملة التغريب وإلى الغزو الفكرى الذى تستطيع به ، بعد تحطيم العقيدة والأخلاق والقيم الإسلامية ، وتمجيد الأفكار الغربية ، أن تخرج المسلمين من قلعتهم الحصينة ، وتجردهم من سلاحهم الجبار ، وكان عدتها فى هذه الغزوة حملات التبشير والاستشراق ثم النفوذ الإستعمارى الذى مكن لتلاميذ المبشرين والمستشرقين فى مراكز القيادة والتوجية ليبثوا سمومهم ويفرضوا أفكارهم على الناشئة ، وأعقب ذلك مرة أخرى الوجود العسكرى ( الإستعمار وتقطيع أوصال دولة الخلافة الإسلامية ) ثم أعقبه بث فكرة فصل الدين عن الدولة وفكرة القومية ، ثم الإجهاز على الخلافة الإسلامية ، وأخيرا حين رحلت جنوده أبقى له جنودًا آخرين .... من جلدتنا ويتحدثون بلساننا وبهم أجرى التغير السياسي المطلوب ، وأجرى التغير الإجتماعي المقصود .
ومن هنا يمكن تقسيم مراحل الغزو الفكرى مرحلتين :
المرحلة الأولى :
وتبدأ بالحروف الصليبية ثم الاستشراق ثم التنصير ، ومن المعروف تاريخيا أن الغرب جرد حملات غزت الشرق الإسلامى باسم الصليب وتحت رايته وكان رجال الكنيسة فى أوروبا يدفعون الملوك والشعوب إلى هذه الحروب فاتخذت بذلك طابعًا دينيًا شكلا وموضوعًا وكان تفرق المسلمين إلى دويلات ، وضعف دوليتهم مشجعًا لهم على ذلك الغزو ... وليس صحيحًا ما يحاول بعض الكتاب تصويره من أنها كانت مجرد حملات استعمارية باحثة عن المصالح الإقتصادية فقط ، فالشئ المؤكد أن الهدف الأول أنما كان هدفًا دينيًا وهو الإنتقام من المسلمين ، ومحاولة ادخالهم فى النصراانية بعد ذلك ، وهو ما يفسره قوله تعالى :
(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)

وقوله تعالى :

﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا )

وبعد أن فشلت هذه الحملات الصليبية فى تحقيق أهدافها أيقن الغرب المسيحي أنه مهما ضعفت دولة الإسلام فإنه يستطيع النيل منها ، ومن أمتها حتى ينال أولا عقيدتها وفكرها . ولذلك جعلوا الدين الإسلامى هدفهم وركزوا عليه الضربات فى عنف وضراوة وتسديد لا يكاد يخطئ أو يفتر مع ما استحدثوه من براعة الأساليب ونعومة المداخل بعد أن عز عليهم قهر هذا الدين بالقوة المسلحة طوال قرون .
من هنا كانت حملات التنصير والاستشراق ثم النفوذ الاستعماري الذى مكن لتلاميذ المنصرين والمستشرقين فى مراكز القيادة والتوجيه ليبثوا سمومهم ويفرضوا أفكارهم .

وكانت دسائس المنصرين والمستشرقين تتلخص فى :

أن المسلمين متخلفون ، و أن سبب تخلفهم مافى دينهم من قيم وتشريعات وأخلاق ، وأن الغرب متحضر وسبب تحضره وتقدمه ما يملك من مفاهيم وتشريعات ومناهج .
والحقيقة أن سبب تخلف المسلم بعدهم عن دينهم ، وعجزهم عن الإستجابة لأمر الله – سبحانه وتعالى - فى بناء الحياة الكريمة وإعداد القوة الكافية ، وتحقيق الخلافة فى الأرض ، كما أنه من المؤكد أن حضارة الغرب التى يتباهون بها جاءت مادية منحرفة ينتقصها الإيمان والروح ، وقد شقيت البشرية بها أيما شقاء ، وإنما تغلب الغرب وفرض الغرب نفوذه على الأمم بقوة السلاح .
ومن دسائس المبشرين والمستشرقين ؛ قولهم أن القرآن الكريم لم يصدر عن الوحى الصادق ، وإنما استفاد محمد – عليه الصلاة والسلام – فيما جاء به من أخبار الغيب مما تلقاه من أخبار اليهود والنصارى .
وزعموا كذلك أن السنة النبوية لا يحتج بها بل يكون الإحتجاج بالقرآن وحده ، وأ
ن معظم الأحاديث الشريفة من وضع المتأخرين وكلامهم هذا يدل على جهل بالإسلام ، وبأن القرآن الكريم يحيل على السنة إلى الأخذ بها .

قال تعالى :

(
وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا )

وبالإسلوب العلمى الذى به المحدثون فى جميع الأحاديث النبوية .

ويزعم هؤلاء أن الأخلاق ليست ثابتة ، وإنما تتطور وفقا لمصالح البشر وظروفهم ، وأن على المسلمين إذا أرادوا أن يلحقوا بركب الحضارة أن يستفيدوا من تجربة أوروبا فيصلوا الدين عن الدولة ، ومعنى هذا حصر الإسلام فى إطار العبادات الفردية ، وتلقى المسلمين شئون حياتهم عن أوروبا .
كما كانت الحملة وقحة على بعض المعانى الإسلامية التى رأى فيها الغرب خطرًا عليه ، وقوة للمسلمين كالخلافة والحج والجهاد .
ويقتضينا المقام هنا ؛ أن تؤكد أن حملات هؤلاء المستشرقين على القرآن الكريم لها صلة وثيقة مما حققه المسلمين من انتصارات بتمسكهم بالقرآن ، وعلمهم بمقتضاه على فترات غير قليلة من التاريخ .
كما أن له صلة بتلك النظرة الفاضحة التى تقارن بها بعض المنصفين من غير المسلمين من القرآن الكريم والتوراة والإنجيل التى بأيديهم وقد حرقت ، وهناك خوف عند هؤلاء أن يعود إلى كتابهم الكريم يستلهمونه حلول قضاياهم ومشكلاتهم بعد هذه اليقظة النسبية التى تطوف بكثير من بلدان العالم الإسلامى الأن ؛ ولذلك أخذوا يقلبون الحق باطلا ، ويشوهون القرآن ما وسعهم التشويه ؛ خشية أن يكون المصباح الذى يضئ للمسلمين طريق صحوتهم ورشادهم .

وأما السنة النبوية المطهرة ؛ فهى المفتاح الحقيقى لفهم القرآن الكريم ، وهى مفتاح الحضارة الإسلامية والعمل بمقتضاها هو المحافظة على كيان الإسلام نفسه وهو فى الوقت نفسه إحياء لحضارة الإسلام التى شملت كل مظهر من مظاهر الحياة الإنسانية ، وأن إهمال السنة النبوية أو التساهل فى شئ منها زلزلة لكيان الإسلام وتفويض لشرخ حضارته .
وليس لأعداء الإسلام فى الحاضر من هدف ، ولا أكبر من مشويه هذه السنة النبوية ، بل وتشكيك المسلمين فيها ، أو فى جدوى التمسك بها عن طريق تكذبها ، أو رميها بالتناقض والتعارض ، أو التهوين من شأن العمل بها .


المرحلة الثانية من مراحل الغزو الفكرى :

وأقصد بها رحلة اسقاط الخلافة الإسلامية ، وما يتبعها ، وما سبقها من تقطيع لأوصال العالم الإسلامى .

وكان الغزو فى هذه المرحلة مركزا وعنيفًا وشديد التأثير وساعدهم على ذلك استيلاء هذه الدول الصليبية على مقدرات المسلمين ، ومراكز الحكم والتوجية ، ثم بريق الحضارة المادية ، واتقان أصحابها لما خططوا له من ضرب الإسلام فى نفوس أبنائه ، ومبادرتهم إلى تشديد الكرة عليه .

وقد امتد هذا الغزو فى كل اتجاه ، ودخل على المسلمين فى أزياء خادعة ، وتحت دعاوى المدنية والتقدمية والتجديد والحرية ،... إلخ .

وقد تركزت فى شعب ثلاث كانت كلها شرًا ووبالًا على المسلمين ، من حيث ظنوها تقدمًا ورقيًا ، أو زعم لهم أعداءهم أنها كذلك سواء فى الناحية التعليمية ، أو الثقافية ، أو التشريعية ، فكانت فى الحالين أشبه بما وصف به القرآن الكريم .
دخان جهنم بشعبه الثلاث ، ونوعية تظليلة للمكذبين
قال تعالى :
(انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ * لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَب )

nourelhak غير متصل   رد مع اقتباس
العضو التالي يشكر nourelhak على مشاركته الطيبة ويطلب المزيد من هذه المشاركات الرائعة

اعلان